بقلم : بوجمعة بوتميت
قد يكون معتبرا في ميزان العقل والحكمة الرضى
بتهميش الجغرافيا لمدينة من مدن الوطن لكن ما تأباه النفوس
الأبية ولايستصيغه العقل بسهولة أن يتظافر على مدينة واقع الجغرافيا
والمناخ الذي لايرتفع وقرار الإدارة، يد القدر العادلة وفعل البشر
الظلوم ، ليتولد بها واقع مركب ، يتداخل فيه عامل الطبيعة وصنائع
الإنسان ، فإذا كانت أسا مدينة معزولة في الحدود الجنوبية الشرقية للبلد
تلقت ضربات موجعة عبر التاريخ وأدى أهلها أثمانا باهظة من اجل الكرامة
وتشبثا بالأرض رغم قساوة طبيعتها ــ من موقع المثل الحساني : جدب لغزال يموت
فيه ــ ، في فترة الاحتلال الأجنبي للبلاد، وفي زمن الاحتقلال
بحيث مهما كوفئ أهلها فلن يقابل مابذلوه طيبة به نفوسهم أي ثمن ،سوى
أن يعيشوا أحرارا كرماء ، وإذا كان مناخ المنطقة قاس على أهلها
إلى درجة انه يحدث حالة استنفار في الأسر كل سنة فانه لا يختلف كثيرا عن
مناخ المناطق الشرقية الأخرى كطاطا وفم زكيدوبويزكارن ووجدة وفكيك
وبوعرفة،،،، وغيرها من مدن الشرق ذات نفس الخصوصية المناخية ، لكن
سكان أسا يدركون ويعيشون معطى أخر غير معطى الجغرافيا والمناخ انه
معطى استهانة القرار الإداري بأهمية تأهيل المدينة وتهيئة بنيتها التحتية
المساهمة في تلطيف المناخ عبر خلق الفضاءات الخضراء والظروف المشجعة على
الاستقرار ،خاصة في فصل الصيف الذي تتجاوز الحرارة فيه ) 50 درجة
في الظل (الأمر الذي ينتج عنه نزوح وهجرة جماعية للأسر كل
سنة مع بداية موسم الصيف إلي بداية فصل الشتاء في اتجاه مناطق تاركمايت
وفاصك وتغمرت وكلميم وطانطان وايفني و سوق الأربعاء وتاكانت وبويزكارن
وغيرها، هروبا من موجة الحر ، وقد وصل عدد » النازحين « خلال
هذا الموسم الذي تزامن فيه موسم الصيف بشهر رمضان حسب إحصائيات أولية
إلى أزيد من 1600 عائلة وهو رقم مهول و قابل للزيادة في كل سنة
، كما انه مؤشر خطير له تداعياته السلبية على اقتصاد
الإقليم، إذ تكاد المدينة تعرف شبه ركود واستنزاف اقتصادي خلال
فترة الصيف، بحيث إذا افترضنا جدلا أن كل عائلة تصرف حوالي 10000 درهم كحد
ادنى خارج الإقليم خلال شهور الصيف وهو رقم جد متواضع ، فان المبلغ مرشح إلى خروج
سيولة نقدية تقدر بحوالي أزيد من 16000000 درهم كحد أدنى إلى
أقاليم أخرى مجاورة،هذا التأثير المناخي جعل اغلب الأسر تنهج سياسة التقشف
الاقتصادي في سباق مع الزمن طيلة السنة ،من اجل توفير مصاريف الصيف
التي تخلق حالة من الطوارئ في ميزانية الأسر ذات الدخل المحدود أو عديمته :
مصاريف كراء الشقق المكلفة و تكاليف السفر و نقل الأمتعة والتجهيزات إضافة ،
إلى المصاريف الإضافية الأخرى التي تقتضيها العلاقات والمناسبات
العائلية وثقافة النسيج الاجتماعي
إلى حدود هذه المعطيات يظل الأمر خارجا عن طاقة
الإنسان لكن إذا علمنا أن المدينة تعرف معاناة إضافية أخرى سببها
التواطؤ على الصمت أو مؤامرة الجميع على الجميع :مجتمعها المدني ومؤسساتها الرسمية
، أو حرب الجميع ضد الجميع كما يقول الفيلسوف الانجليزي توماس هوبز،فماهي مظاهر
المعانات ومكامن القصور في وضع الحلول ، وماهي المسؤوليات الأخلاقية الملقاة
على عاتق المجتمع المدني في الفات نظر الجميع إلى مواطن القصور وممارسة
الرقابة على الشأن العام وأخيرا ماهي القرارات التي يمكن للإدارة لو تحلت بالإرادة
السياسية أن تخلق من خلالها واقعا مشجعا على الاستقرار أو مخففا على
الأقل من حدة النزوح الجماعي لسكان مدينة تتحول شوارعها وأزقتها
إلى أشبه بحالة الطوارئ خلال موسم الصيف
معاناة مع انقطاع
الماء و وضعف الكهرباء
عملت العديد من الأسر للتخفيف من الاستنزاف المالي الذي
يسببه لها موسم الصيف على التكيف مع الواقع من خلال شراء المكيفات الهوائية
ظنا منها أنها وجدت حلا يخفف من تأثير الحرارة على أطفالها
وشيوخها لكن المصيبة أعظم، بحيث عوض أن تساهم المكيفات في تخفيف حرارة
البيوت زادت الطين بلة إذ لم تنتج سوى مزيد من الحرارة
والسبب دائما ضعف التيار الكهربائي الذي لايتجاوز في اغلب الأحياء درجة 160 أو 170
واط، مما خلق نوعا ن اليأس والتذمر النفسي والاحتجاج على المكتب الوطني
للكهرباء الذي مافتئ المسؤولون به يجيبون بان الأمر خارج عن
طاقتهم إذ المشكل ضعف التيار الكهربائي بالمدينة يحتاج قرارا من
المكتب المركزي وهو ما يعد متجاوزا لدائرة اختصاص المكتب الاقثليمي
معاناة أخرى إضافية لساكنة أسا إنها قصتهم
مع الماء الذي يعرف انقطاعات عديدة في كل موسم صيف تصل إلى ثلاثة أيام
متتالية بدون ماء في بعض الأحياء ،وفي كل مرة أيضا تحتج الساكنة
على المسؤولين في المكتب الوطني للماء الصالح للشرب بالإقليم فيكون الجواب
ضعف الفرشة المائية بسبب قلة الأمطار ،أو أعطاب بين الفينة والأخرى في
تجهيزات محطة المعالجة ،ويبقى الماء والكهرباء دون حلول تنفذ على الأقل في المدى
المنظورو يحتفظ المسؤولون بهذين القطاعين لأنفسهم بتاريخ ومدة
وكيفية علاجها
مدينة بدون ساحات خضراء
الزائر لمدينة أسا لأول مرة يثيره منظر
مدخلها وواجهتها الأنيقة على طول حوالي 500 متر حيث
يتمركز مقر عمالة الإقليم وبعض الإدارات وحديقة كبيرة مقابلة لمقر عمالة
الافليم ، حتى لكأن الإنسان في احد أجمل المدن المغربية ، لكن إذا
أوغلنا قليلا وابتعدنا عن )المنطقة الخضراء( أو) منتجع
العمالة ( كما يحلو لبعض شباب أسا أن يسميه ، تلاشت الصورة
الرائعة تدريجيا فلا تكاد ترى عيناك سوى ساحة كبرى من
الإسمنت وسط المدينة لها دورها هي الأخرى في زيادة حرارة المحيط، لا
أشجار فيها لاساحات خضراء لاحدائق لامتنفس للسكان لا نافورات ماء، كل ما حواليك
أزقة من الإسفلت تزيد من حرارة الجو :مقلاة وسكان أسا أهلها
وكفى ، ومع ذلك يتحدث مسؤولون وشباب منتخبون عن المنجزات وعن محاربة الهشاشة وعن
التنمية البشرية وعن الحزام الأخضر قاموس من المفاهيم التي تمتح من شعارات البرامج
الوطنية ، لكن واقع مدينتنا هو ما ذكرناه ليس من باب العدمية
التي تنفي كل شيء ،لكنه الواقع الذي تعرفه بل تعانيه كل ساكنة أسا ومن رأى ليس كمن
سمع
كم يكون مفيدا لو تفطن مسؤولوا الإقليم
ومجتمعه المدني مؤسساته المدنية والرسمية ، إلى أهمية خلق الحدائق و
المناطق الخضراء بالمدينة في تخفيف الحرارة وتلطيف الجو ،وعملوا على الأقل
على خلق خمس حدائق بأحياء المدينة ، كم يكون جميلا لو تحولت الساحة
الكبرى وسط المدينة إلى حديقة كبيرة بها نافورات نافورات ماء إذن
لأصبحت متنفسا للأسر مساهمة بشكل كبير في تلطيف الجو، كم يكون
جميلا لو وضعت بالمدينة نافورات ماء في مختلف الأحياء ، وكم بكون أجمل وأفيد
لو فكرت المؤسسات المعنية بالإقليم في انجاز مشروع سد تلي
بمنطقة بولجير بعد فشل مشروع سد تويزكي، إذ المسافة اقرب من
المدينة لكان لذلك لاشك آثار جد ايجابية على الفرشة المائية للمدينة وعلى تنوع
الثروة الحيوانية وعلى مناخ المنطقة ككل
الإقليم المستثنى من تحفيزات المركز
رغم نفس الخصوصيات الجيوسياسية والاثنية
والتاريخية للمدينة مع مختلف مناطق الصحراء المسترجعة التي تستفيد من
المواد المدعمة ومن التعويض عن الأعباء الخاصة ، ورغم عديد الوفود
القبلية والنقابية والمدنية التي حجت الى السلطات المركزية بالرباط منذ 1985 حيث
وفد أعيان القبيلة إلى 1997حيث تبني الحركة النقابية لمطالب
الإقليم و مطالبة السكان بحق اعتبروه مكتسبا كغيرهم من سكان
الأقاليم الأخرى ،فان ا لسلطات المركزية ظلت تتجاهل هذا المطب ذلك لأن لها حساباتها
الخاصة التي يحكمها منطق وهاجس الاستراتيجيات الأمنية لملف الصحراء ، وهو
منطق طبعا على حساب حق ساكنة إقليم بأكمله ، انه منطق حسب اعتقادنا يريد
الاحتفاظ ببعض الأوراق القبلية حتى لايتم استنفاذها كلها جملة واحدة
نظرا لاحتمال تأثيرها مستقبلا في تداعيات الملف وتغيير ميزان القوى فيه ،حتى وان
كان ذلك على حساب رد الاعتبارلاقليم وقبيلة بأكملها ، مقاربة تريد الأرض ولا تريد
ساكنيها
بارقة أمل
يترقب سكان المدينة على أحر من الجمر خروج
مشروع محطة توليد الطاقة الشمسية الذي سيتم انجازه في الاشهر
المقبلة ،وتعلق الساكنة أمالا كبيرة على هذا المشروع في تخفيض ثمن
استهلاك الكهرباء والرفع من ضغطه ،عله يساهم في تشغيل مكيفاتهم
الهوائية على الأقل ، إنها آمال قد تكون أكبر حتى من حجم هذا المشروع
الهبة من اليابان
من الأماني المعسولة إلى التغيير
لتغيير ملامح مدينة هذه مواصفاتها ،
وتأهيلها نحتاج إلى تظافر جهود كل الخيرين من ابنائها في إطار مقاربة
تشاركية فعلية لوضع مخطط النهوض وخطة العمل ، مقاربة تشاركية بدءا بوضع المخططات
إلى تنفيذها والرقابة على أدائها إذ ليس هناك شيء مستحيل مادامت المصلحة العامة هي
موقع إجماع كل الفاعلين رسميين كانوا أو ومجتمع مدني ، نحتاج فقط
ارادة حقيقية ، نحتاج تجاوزا للحسابات الضيقة ولمنطق نظرية المؤامرة ،نحتاج
وحدة الرؤيا لمفهوم المصلحة العامة ولطبيعة الأولويات، نحتاج غض الطرف
عن بعض الهفوات وتأجيل النقاش في بعض أخطاء الماضي، في سبيل أن نجلس ونتحاور
ونصيغ مخطط العمل ، نحتاج نكران ذات من قبل الجميع للخروج من حال
الفوضى الخلاقة التي تطبع أداءنا جميعا ،وكم يومها سنرى نتائج طيبة إن
تجاوزنا القاعدة البراكماتية انأ ومن بعدي الطوفان وعملنا على قاعدة رابحون
جميعا،مجتمعا مدنيا ومنتخبين ومسؤولبن بالإقليم ، وفق رؤوية
استراتيجية موحدة للنهوض بهذا الإقليم عوض تفكير المصلحة الفردية
والانتهازية الضيقة ، لابد للجميع أن يجلس على طاولة الحوار لتحديد أولويات
الإقليم وفق رؤوية تشاركية، ووحدة تصور إزاء قضايا الإقليم وأولوياته التنموية ،
يساهم فيها الكل وبعدها وبعدها فقط يمكن أن نكون أمام واقع أحسن بكثير على كل حال
مما نعيشه اليوم
مقال رائع أخ بوجمعة سلمت يداك
RépondreSupprimerالله يعطيك الصحة سي بوجمعة الحق ظاهر جلي الا ان الاذان الصماء لا تنظر اليه ولا تحبه
RépondreSupprimerنعيب زماننا و العيب فينا’’’’’’’’’’’
RépondreSupprimer