أخر الاخبار

لماذا يحتج الصحراويون.. ؟




بقلم : عمر السايح
برزت بالاونة الأخيرة بالصحراء ظاهرة الاحتجاجات كثقافة جديدة وحضارية بالمنطقة فرضت على الصحراويين بفعل التمدن والاستقرار الذي يعيشه حاليا الجيل الثاني من أهل الصحراء بالمدن والحواضر.
وتعود أولى الاحتجاجات بالصحراء الى الحقبة الاستعمارية الاسبانية ولعل أبرزها قيادة نخبة من الشباب الصحراوي المثقف وقتئذ للصحراويين فيما عرف بعد ذلك بانتفاضة الزملة سنة 1970 وبتأطير من الفقيد سيدي ابراهيم محمد بصيري الذي تتحمل السلطات الاسبانية لحد الان مسؤولية اختفاؤه.

شهد ميدان الزملة أولى الحركات السلمية الاحتجاجية الصحراوية بمدينة العيون والتي طالب من خلالها الصحراويون المستعمر الاسباني بالرحيل وذلك بعد نزع سلاح المقاومة الصحراوية عقب تفكيك جيش التحرير في معركة ايكوفيون الشهيرة   1959 حيث عملت اسبانيا على فرض الاستقرار بالمدن على كل الرحل بالمجال الصحراوي الكبير والذي يصعب ضبطه.

لم تمض سنتين بعد انتفاضة الزملة الشهير قاد شباب صحرواي متحمس بمدينة الطنطان مظاهرات حاشدة على هامش الموسم السنوي أمكار للمطالبة بجلاء القوات الاسبانية عن اقليمي الساقية الحمراء ووادي الذهب
 .

وبعد تجاهل السلطات المغربية لحماسة الشباب الثائر الذي انتفض بالطنطان شكل هؤلاء النواة الاولى لجبهة البوليساريو بمدينة الزويرات الموريتانية سنة1973 حيث حمل المؤتمر التأسيسي شعار بالبندقية ننال الحرية.

ظهرت بعد سنتين من تأسيس جبهة البوليساريو المسيرة الخضراء التي سيرها الملك الراحل الحسن الثاني سنة  1975 حيث تحدث المغرب بالمحافل الدولية حينها عن حقوقه التاريخية بالصحراء. 

وبعد خضوع الصحراء للادارة المغربية وبحكم الحرب التي استمرت  16 سنة بالاقليم المتنازع عليه فرضت الظروف الامنية الطارئة استقرار جل البدو وأهل الصحراء بالمدن، فاضطر العديد من الاهالي الى التوقف عن الحل والترحال والسكن داخل الحواضر وفرضت الظروف المعيشية الطارئة على الانسان الصحراوي التأقلم مع النمط الجديد في العيش.

لم تعرف الصحراء طوال فترة الثمانينات أي حركات احتجاجية هامة الا القليل منها لكن ومع عقد التسعينيات شهدت معظم المدن الصحراوية حركات احتجاجية غير مسبوقة تطالب بتحسن مستوى العيش وتحتج على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الهشة ابتدات مع سنة 1991 بمدينة أسا الزاك واحتجاجات لمسيد سنة1998 وصولا لاحتجاجات العيون 1999 حيث تعرضت كل هذه الاحتجاجات للقمع الشديد من الدولة التي وجدت نفسها أمام مشاكل اجتماعية تتفاقم يوما بعد يوم بسبب فشل السياسات التنموية والاقتصادية بالمنطقة ككل ، والتي كانت ولا تزال تستفيذ من خيراتها نخب سياسية واجتماعية قليلة وفاسدة على حساب باقي الشرائح الاجتماعية الاخرى المهمشة .

وبعد نهاية فض كل معتصم سلمي بالقوة  للصحراويين يطالب بالحقوق المشروعة تبدأ التبعات السياسية لملف الاحتجاجات تطفو على السطح فتستفيذ أطراف معينة من النزاع على حساب اخرى فينتهي الحراك الاجتماعي والسياسي الى حين فقط لأن الدولة لا تستخلص الدروس والعبر بل تكتفي بالترقب الحذر والاعتماد على المقاربة الامنية التي باتت الحل الناجع الذي يراه المسؤولون وصناع القرار.

في العقد الاخير من الالفية الثالثة تطور الفعل الاحتجاجي الصحراوي وتدعم أكثر وهم الجانب الحقوقي والاجتماعي والسياسي وكذلك النقابي لكن لم تتغير المقاربة الامنية بل اشتدت في التعاطي مع الاحداث فظهرت أحداث العيون لمرة ثانية سنة   2005 وما رافقها من أحداث مؤسفة أضرت بالوضع الحقوقي كثيرا بالمنطقة لكن لم يبارح أي شئ مكانه مادامت التنمية تنتناقص أو تنعدم والبشرية تزداد وتكثر وتهتاج وتحتج. 

لم تمر سنة 2010 بسلام كبير بعد أن ارتفعت حدة الاحتجاجات بجل المدن الصحراوية للمطالبة بتحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية قبل أن تتوج بمخيم احتجاجي كبير شمل أكثر من  20 ألف محتج بضواحي مدينة العيون .
حيث كشف هذا المعطى الجديد عورة المسؤولين والمنتخبين الذين يسعون للحصول على منافعهم الشخصية بدل خدمة مشاكل الساكنة المحلية في ظل غياب أي ارادة سياسية من طرف الدولة التي لاتراعي بدورها كثيرا أهلية أو نزاهة ممثلي السكان المفترضين.

الان وبعد مرور السنتين على تفكيك أكبر معتصم احتجاجي للصحراويون لايزال هؤلاء يحتجون ويطالبون بحقوقهم المشروعة والمغتصبة بتحسين وضعيتهم الاقتصادية والاجتماعية والحق في الشغل والكرامة والحرية وتحسين جودة الخذمات المقدمة من طرف الدولة لكن تبقى دار لقمان على حالها. 

من جهة أخرى ومع بداية كل تغيير سياسي جديد يفتتحه المغرب يؤكد فيه العمل على صون الحقوق والمكتسبات ويطلق المسؤولون فيه الوعود اثر الوعود سرعان مايتبين غياب أي مشروع سياسي قادر على احتواء جل الاشكالات والمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية العالقة فبعد المصادقة على الدستور الجديد و تولي حزب العدالة والتنمية للحكومة بالمغرب لاتزال جل الممارسات القديمة والجديدة في التعامل وفض الاحتجاجات قائمة رغم كل الضمانات الدستورية التي تكفل حق الاحتجاج وغيره من الحقوق الاساسية غير أن أحداث كلميم الاخيرة التي تم فض 6 معتصمات بها عبر القوة المفرطة لرجال الأمن تكشف بجلاء ووضوح حقيقة الوضع الراهن والقائم.

فتبقى بالتالي الحالة الراهنة والمستقبلبة للاحتجاج كثقافة حضارية للتعبير عن المشاكل والامال التي تعقدها الجماهير الصحراوية رهينة لمزاجية مسؤوليين الذين غالبا يستنجدون بعصا الامن لتفريق كل المظاهرات المطالبة بالتغيير والاصلاح فكيف اذن ستصل معاناة  الصحراويين ؟ وكيف سيعبرون عن مشاكلهم؟  السؤال محير والاجابه عليه تبقى أشد حيرة 

اما علم صناع القرار هؤلاء ومن معهم من مهندسي السياسات العمومية أن قطع الرؤوس خير منه قطع الارزاق...يعلمون بالطبع ولكنهم دوما يتساءلون لماذا يحتج الصحراويون؟









مواضيع مشابهة :

Aucun commentaire :

Enregistrer un commentaire

أخبار الصحراء

أخبار الرياضة

الصحة والرشاقة

أخبار منوعة

أخبار دولية

تكنولوجيا

أسا

أخبار

جميع الحقوق محفوظة ©2013